الأربعاء، 24 ديسمبر 2014

انتقال الالتزام

بدايةً:
يُعرّف الالتزام حسب القانون المدني بأنه عبارة عن رابطة قانونية ذات طبيعة مالية عموماً تنشأ بين شخصين أو أكثر، بمقتضاها يلتزم أحدهما ويسمى (مدين) للآخر المسمى ب(دائن) بقيام بأداء معين يسمى (حق).

تعريف إنتقال الالتزام:
يقصد بإنتقال الالتزام بأن يتغير أحد طرفي الالتزام (المدين أو الدائن)، وفي حال كان الطرف المتغير في الالتزام هو الدائن سُمّيت هذه العملية بحوالة الحق، أما إذا كان طرف الالتزام المتغير هو المدين سُمّيت هذه العملية حوالة الدين.

أولاً)حوالة الحق:
ينتقل الحق باتفاق بين صاحب الحق (الدائن) وبين طرف آخر ينتقل إليه الحق.

المطلب الأول (الاتفاق على الحوالة):-
١-انعقاد الحوالة وصحتها:
تتم الحوالة بعقد يبرم بين الدائن (المُحيل) وبين طرف آخر (المُحال له)، ولا حاجة في انعقادها لرضاء المدين لأنه ليس طرفاً في هذا العقد، ومحل الحق هو انتقال الحق المُحال، والأصل جواز نقل الحقوق الشخصية العينية جميعاً.
وقد يكون عقد الحوالة عقد معاوضة، إذا تلقى الدائن المُحيل مقابلاً للحق الذي يُحيله، فستسري عليه أحكام عقود المعاوضة، وتبدو حاجة الدائن إلى مثل هذه الحوالة إذا ما أحتاج إلى نقود قبل حلول أجل الوفاء(أجل وفاء الالتزام مع المدين)، أو إذا ما أراد تجنب اجراءات مطالبة المدين.

٢-أثر الحوالة بالنسبة للدين المحال:
إذا ما تم انعقاد عقد حوالة الحق، فإنه بدوره ينتقل الحق من الدائن إلى المُحال إليه(الدائن الحديد)، ولذلك فلا يجوز للدائن المُحيل بعد إبرام الحوالة استيفاء الحق من المدين، وإذا ما تم أن أستوفى الدائن المُحيل الحق فإنه يرد ما أستلمه للمحال له.
ولا يجوز للدائن المُحيل بعد إبرام الحوالة أن يأتي ما من شأنه الإضرار بالمُحال كأن يرهن الحق المُحال أو يحوله ثانية إلى شخص آخر فإن فعل أي شي مما سبق فإنه مسؤول من قبل المُحال له عما أصاب هذا الأخير من ضرر .
يكون انتقال الحق على هذا النحو بجميع صفاته التي كانت له عندما كان في ذمة الدائن المُحيل، و بالمثل أيضا تنتقل مع الحق المُحال الدعاوى التي تكون متعلقة به ، كذلك إذا كان الحق قابلاً للطعن فيه بوجه من الوجوه فإنه يبقى معرضاً لهذا الطعن بعد انتقاله.

3-أثر الحوالة في علاقة طرفيها:
عقد الحوالة ينشأ في ذمة الطرفين (المُحيل والمُحال له) الالتزامات التي تقتضيها ماهيته، فإذا كان عقد معاوضة فالمُحال له ملزم بدفع مقابل الحق المُحال إليه، أما إذا كان عقد من عقود التبرع فلا يلزم شيءٌ من ذلك، وهكذا تنشأ الالتزامات حسب ماهية العقد.
الدائن المُحيل ملتزم بتسليم الحق الذي أحاله، وإذا كان العقد معاوضة أو على سبيل الرهن فإن المحيل يلتزم بضمان وجود الحق بحيث إذا ثبت عدم وجوده لأنه لم ينشأ نشأة صحيحة أو لأنه أنقضى قبل انعقاد الحوالة، كان مخلاً بالالتزام ولزم تعويض المُحال له ما تسبب له من ضرر.
فإن كان الحق موجودا وقت الحوالة، فلا ضمان على المُحيل إذا حدث بعد الحوالة أمرٌ أدّى إلى انقضاء الحق طالما كان المُحيل لا دخل له في ذلك، كما إذا اكتملت مدة التقادم مثلا، وعلى العكس من ذلك إذا كان عهد الحوالة تبرعاً فإن المُحيل لا يكون ملزماً بضمان وجود الحق.

المطلب الثاني (نفاذ الحوالة):-
١-إجراءات نفاذ الحوالة:
الحوالة تتم بين الدائن والمحال له، ولابد لنفاذها في حق الغير من اتخاذ إجراء معين وهو الحصول على قبول المدين لها، أو إعلانه عليه إذا لم يمكن الحصول على القبول.
فأما قبول المدين للحوالة إما أن يكون صريح أو ضمني ولكن يشترط أن يكون لاحقاَ بعد انعقاد الحوالة، إذ يستفاد منه ثبوت تاريخ القبول للاحتجاج بالحوالة قِبَلَ غير المدين وهم دائني الدائن المحيل.
وأما إعلان الحوالة للمدين، فيكون عن طريق المحضر أو المباشر، سواء أقام به الدائن أو المحال له، وهذا الإعلان يكون ثابت التاريخ بطبيعته.
ومرجع ذلك أن الحوالة تحل محل الدائن الأصلي دائم آخر وهو المحال له، وهذا يمس مصالح شخص آخر غيرهما وهو المدين الذي سوف يكون ملزماً بوفاء الحق للمحال له وليس المحيل.

٢-أثر نفاذ الحوالة:
إذا لم يُتخذ الإجراء اللازم لنفاذ الحوالة فإن الحوالة لا تكون نافذة قبل الغير,ولذلك فإذا ما وفي المدين للدائن الأصلي كان هذا الوفاء صحيحاً مبرئا لذمته دون أن يكون للمحال له مسائلته عن الوفاء مرة أخرى, وأما إذا اتخذ الإجراء اللازم لنفاذ الحوالة أصبحت سارية فلا يستطيع المدين إذا أوفى للدائن الأصلي لزمه الوفاء للدائن الجديد, فإذا حدث أن أوفى للدائن الأصلي كان مسؤولاً مرة أخرى قبل المحال له, وله أن يرجع على الدائن الأصلي عن طريق دفع غير مستحق.

ثانياً)حوالة الدين:
يتحقق ذلك باتفاق بين المدين الأصلي وشخص آخر يقبل التحمل بالدين بدلاً من المدين الأصلي، على أن سريان هذه الحوالة قبل الشخص اللآخر يقتضي إجراء معين آخر لنفاذها.

المطلب الأول (الإتفاق على الحوالة):-
1-انعقاد الحوالة وصحتها:
حوالة الدين كحوالة الحق تتم بعقد يبرمه المدين المحيل مع الشخص المحال عليه, ولكن حوالة الدين قد تتم بعقد بين الدائم والمحال عليه مباشرة دون حاجة لرضاء المدين.

2-أثر إنعقاد الحوالة بالنسبة للدين المحال:
الإتفاق على حوالة الدين لا ينقل الدين المحال إلى المحال عليه بحيث تبرأ ذمة المدين الأصلي منه وإنما يقتصر على مجرد إنشاء التزام على عاتق المحال عليه بالوفاء بالدين للدائن.
ومقتضى ذلك أن عقد الحوالة المبرم بين المحال عليه وبين المدين يكون عقد موقوفا على إجازة الدائم الدائن, بحيث إذا أجازه رتبت آثارها بمفعول رجعي يرتد إلى تاريخ العقد وإذا لم يجزه اعتبرت كأن لم تكن.

3-أثر انعقاد الحوالة في علاقة المعنيين بها:
علاقة المدين بالمحال عليه تختلف باختلاف ما إذا كان المحال عليه قد قصد المعاوضة أو التبرع للمدين, فإن كان قصده المعاوضة كان المدين ملزماً بكل ما يلزم به المعاوض, وإذا كان قصده التبرع لم يكن المدين ملزما بشيء.

المطلب الثاني (نفاذ الحوالة):-
وحتى نفاذ الحوالة لابد من قيام الدائن بإقرارها, والإقرار لازم لمجرد نفاذ الحوالة في حق الغير كالدائن أو المحال عليه, والأصل أن للدائن يقر الحوالة في أي وقت بعد إنعقادها, ولكن هذا الاقرار يستحيل عليه إذا ما كان طرفي الحوالة (المدين والمحال عليه) قد عدلا عنها قبل صدور الاقرار منه, إو إذا كان الدائن ذاته قد سبق له رفضها.

1-أثر نفاذ الحوالة بالنسبة للدائن المحال:
يترتب على نفاذ الحوالة على النحو السابق إنتقال الدين إلى المحال عليه, فيصبح هو الملزم بوفائه وليس المدين الأصلي, والدين ينتقل على هذا النحو إلى المحال عليه بأوصافه, وبالمثل فالدين يظل بعد إنتقاله إلى المدين الجديد محتفظاً بأوجه الطعن التي كانت قائمة بصدده قبل إنتقاله, فيستطيع المحال عليه أن يتمسك بأوجه البطلان أو الفسخ أو الإنقضاء التي كان للمدين الأصلي حق في أن يتمسك بها.
ولا يستطيع المحال عليه أن يدفع مطالبة الدائن بالمقاصة بين الدين وبين دين على الدائن للمدين الأصلي, إذا ما كانت الحوالة بعقد بين المدين والمحال عليه, وكان المدين يعلم بوجود دينه في ذمة الدائن قبل الحوالة.

2-أثر نفاذ الحوالة في علاقة المعنين بها:
إذا لم يقبل الدائن إحالة الدين إلى المحال عليه فإنه يستطيع التمسك بأن مدينه هو المدين الأصلي ويطالبه بحق الوفاء دون أن يستطيع المدين الاحتجاج عليه, وكذلك الأمر بالنسبة لكل من له مصلحة في عدم تمام الحوالة, كدائن الدائن مثلاً.
وإذا قبل الدائن بحوالة الدين كان لا يحق عليه أن يطالب المدين الأصلي بالوفاء, وإنما يطالب المحال عليه, كونه ألتزم بإيفاء الحق.


*هذا ملخص من كتاب مصادر وأحكام الالتزام (دراسة مقارنة)، للكاتبين:
-د/توفيق حسن فرج.
-د/مصطفى الجمال.

هناك 3 تعليقات: